اتهم جان موريس ريبير المندوب الفرنسي لدى الامم المتحدة الحكومة البورمية بالشروع في ارتكاب جريمة ضد الانسانية برفضها المعونة الاجنبية للمتضررين من جراء الاعصار (نرجس) الذي ضرب بورما مؤخرا.
ادلى ريبير بهذه التعليقات خلال جلسة عقدها مجلس الامن بعد ان اتهم المندوب البورمي فرنسا بارسال سفينة حربية الى منطقة قريبة من ساحل بلاده.
الا ان الفرنسيين يصرون على ان السفينة تحمل على متنها اغذية ومعونات طبية للناجين من اعصار بورما.
يذكر ان التلفزيون الرسمي البورمي كان قد اعلن في وقت سابق من يوم الجمعة ان عدد ضحايا الاعصار بلغ 78 الفا، بينما ما يزال 56 الفا في عداد المفقودين. وتبلغ هذه الارقام ضعف الارقام التي اعلنتها الحكومة البورمية يوم امس الخميس مما يشير الى ان العدد النهائي قد يكون اضخم بكثير.
رفض المعونات
ورفض المندوب الفرنسي بغضب الادعاءات البورمية من ان السفينة الفرنسية الراسية في المياه الاقليمية قبالة الساحل البورمي هي سفينة حربية. وحذر الدبلوماسي الفرنسي من ان رفض الحكومة البورمية السماح بايصال المعونات لمستحقيها "قد يؤدي الى ارتكابها جريمة حقيقية ضد الانسانية."
ومضى ريبير الى القول: "إن مئات الآلاف من الارواح يتهددها شبح الموت، ونحن نعتقد ان المسؤولية الرئيسية التي تقع على عاتق الحكومة البورمية تتلخص في التعاون عن طريق فتح ابواب البلاد للمساعدات الاجنبية."
يذكر ان قوة بحرية امريكية ترابض هي الاخرى قبالة الساحل البورمي بانتظار السماح لها بايصال كميات كبيرة من مواد الاغاثة بما في ذلك مياه الشرب للناجين من الاعصار. الا ان الحكومة البورمية ما زالت ترفض ايصال المعونات عن طريق البحر.
كما عبرت وكالات الاغاثة الاجنبية عن خيبة املها للتقدم البطئ الذي احرز الى الآن في ايصال مواد الاغاثة الى المناطق المنكوبة، وخاصة في دلتا نهر ايراوادي.
وكان مراسلة لبي بي سي في المنطقة قد قالت في وقت سابق من الاسبوع الحالي إنها لم تر الا القليل من العون الحكومي للناجين، وان عمال الاغاثة الاجانب قد منعوا من وصول المنطقة.
وقالت المراسلة ناتاليا انتيليفا إنها شاهدت جثثا مبعثرة على جوانب الانهار، وناجين يفتقرون الى ابسط المواد الغذائية.
امطار غزيرة
هذا وتقول اللجنة الدولية للصليب الاحمر إنها بحاجة الى مبلغ 50 مليون دولار لمساعدة الناجين من الاعصار الذي ضرب بورما في الثاني من الشهر الجاري.
وقد سقطت امطار غزيرة على المنطقة المنكوبة مما ضاعف من معاناة الناجين من الاعصار.
ومن المتوقع ان يصل الى العاصمة البورمية رانغون يوم الاحد المقبل جون هولمز منسق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة وذلك في محاولة لاقناع السلطات الحاكمة بالسماح لعمال الاغاثة بدخول البلاد وتوسيع جهود اغاثة الناجين.
وكانت السلطات البورمية قد رفضت في وقت سابق طلب مسؤول الاغاثة في الاتحاد الاوروبي لويس ميشيل بزيارة منطقة الدلتا المنكوبة. وقال ميشيل إن السلطات لم تعطه تفسيرا معقولا لاسباب رفضها منح خبراء الكوارث تأشيرات لدخول البلاد.
وكانت الحكومة البورمية قد وعدت باصطحاب الدبلوماسيين الاجانب في زيارة تفقدية للمنطقة في اليومين المقبلين، الا انه ليس معروفا ما اذا كانت ستسمح لهم بزيارة المناطق التي لا تقع على طريق الجولة الرسمي.
متسولون
وتقول بورما إن الزيادة المفاجئة في العدد الرسمي للضحايا سببه الصعوبات التي تواجهها في الوقوف على مدى الدمار الذي حل بالمناطق المنكوبة.
ويقول مراسلنا كريس هوغ في بانكوك إن هذه الصعوبات شئ حتمي نظرا لقلة عدد الفرق الموجودة على الارض من اجل تقييم احتاجات الناجين.
وقد نقلت وكالة رويترز للانباء عن اعضاء فريق تابع لها وصل منطقة كونيانغون التي تقع الى الجنوب الغربي من رانغون بمسافة مئة كيلومترا قولهم إنهم شاهدوا طوابير يبلغ طولها عدة كيلومترات من المتسولين من رجال ونساء واطفال وهم يقفون على جانبي الطريق في الطين وتحت المطر يستجدون من سيارات فرق الاغاثة.
يذكر ان العديد من فرق الاغاثة ما زالت تنتظر صدور التأشيرات لدخول بورما، بينما لم يسمح للفرق التي دخلت البلاد فعلا بالخروج من العاصمة.
"الوقت حياة"
وقال المبعوث الاوروبي ميشيل في بانكوك بعد مغادرته بورما إنه يجب على العالم إفهام حكام بورما بضرورة التحرك السريع لاغاثة الناجين. وقال المبعوث الاوروبي: "إن الوقت حياة."
ومضى الى القول: "يجب استخدام كل وسائل الضغط اللفظية والدبلوماسية لافهامهم بضرورة مساعدتنا على مساعدتهم."
ولكن لم يتضح الى الآن من هو الذي يريد ميشيل التحدث اليه، خصوصا وان الزعيم البورمي ثاين سين رفض التحدث الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
وكانت بورما قد وافقت في الايام القليلة الماضية على دخول عدد محدود من الخبراء من الدول المجاورة اراضيها للمساعدة في الجهد الاغاثي.
وبالرغم من ان هذا العدد لا يفي بطموح المجتمع الدولي، يعتقد مسؤولو الامم المتحدة بأن موافقة البورميين على دخولهم اراضيها يمثل فرصة للبرهنة للسلطات العسكرية الحاكمة بأن دوافع عمال الاغاثة انسانية وليست سياسية.
ويقول الصليب الاحمر إن منظمات الاغاثة لم تتمكن من الوصول الا الى اقل من ثلث ضحايا الاعصار، وان مئات الآلاف من البورميين مهددون بالاصابة بالاوبئة كالديزنتريا بسبب شح المياه النظيفة الصالحة للشرب.
ومن المقرر ان تعقد منظمة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) اجتماعا رفيع المستوى في الايام المقبلة لبحث امكانية عقد مؤتمر موسع للمانحين.
في غضون ذلك، حذرت السلطات العسكرية البورمية الحاكمة من انها مصممة على مقاضاة اولئك الذين يحتكرون مواد الاغاثة او يبيعونها في السوق السوداء، وذلك بعد ظهور تقارير تتحدث عن سوء استخدام وتوزيع بعض المعونات.
