عدد الرسائل : 450 الاوسمة : احترامك لقوانين المنتدى : رقم العضوية : 3 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
موضوع: سعوديون عانسون......... السبت أبريل 26, 2008 6:30 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:roll: لا يهدر الكابتن محمد الغانم (47 عاما) أي طفل يمر بجواره، من دون أن يمنحه نظرة أبوية حانية، ويقبل جبينه قبل أن يعيده إلى ذويه وسط ألم يكاد يقفز من عينيه.
الغانم الذي يعشق شغب الأطفال وسخطهم، لم يتزوج حتى اللحظة. فمن يبتغيها "لا تفضله طيارا" لأنه يعمل مع "مضيفات جميلات" يشكلن خطرا جسيما على حياتهما الزوجية. حاول أن يقترن بابنة عمه غير مرة، لكن عمه يغلق الباب في وجهه في كل مرة متذرعا بوظيفته التي ستجعله "يخون زوجته ويرتكب المعاصي". محمد الذي قابلته في مطار الملك فهد الدولي بالدمام الأسبوع الماضي يمشي ويحمل في جيبه صور ابن شقيقه صالح، وفي عيونه دموع كالزجاج تتكسر وتسقط عندما يفتح أي أحد أمامه سيرة الزواج. يشهق محمد وتلوذ سعادته بالفرار عندما يقذفه أحدهم بسؤال عن اسم أكبر أطفاله. يجيب على سؤالي والكآبة تحتل وجهه "عندما حققت حلمي المبكر بأن أصبح طيارا اعتقدت أنني سأحرز الانتصارات الواحدة تلو الأخرى. سأتزوج ابنة عمتي وسأنجب أطفالا"، لكن للأسف لم يتحقق للغانم ما أراد، وأضحى مسجونا في السماء! ما يعانيه الغانم ذكرني بحديث طويل جمعني بعبد الرحمن الجوهرجي (33 عاما)، وهو مضيف طائرة سعودي التقيته قبل نحو 3 سنوات على متن رحلة للخطوط السعودية، حملتني من نيويورك إلى الرياض. عبد الرحمن المتزوج من يمنية، ولديه جنى (8 سنوات) عانى كثيرا قبل زواجه وبعد زواجه. يقول بعد أن تغلغل الحزن إلى صوته، واحتشدت الدموع في عينيه "سمعتنا سيئة". الكثير من زملائه لم يتزوجوا لأنهم "يطيرون مع مضيفات يملأن وجوههن بابتسامات وألوان كثيرة" وفق العوائل التي يتقدمون إليها. ويتأثر عبد الرحمن إزاء امتهان أسر سعودية للملاحين والمضيفين، رغم أنهم تكبدوا خسائر وجهودا فادحة للحصول على تلك الفرص وخدمة المسافرين. الجوهرجي مثلا، حصل على الوظيفة بشق الأنفس. كافح في دراسته. استعان بزوجة شقيقه البريطانية لتدريسه اللغة الإنجليزية. تردد أسبوعيا على مكاتب الخطوط السعودية من أجل الظفر بوظيفة يحلم بها منذ نعومة أظفاره في ظل عدم إعلان الخطوط للفرص الوظيفية الجديدة في وسائل الإعلام أسوة ببقية الجهات. عبد الرحمن الذي تقدم إلى هذه الوظيفة مع نحو 5 آلاف مواطن سعودي للتنافس على 100 وظيفة فقط، كاد يخسرها بسبب سنتيمتر واحد، يتذكر: "قال لي المسؤولون في التوظيف إنه ينقصك سنتيمتر واحد للحصول على الوظيفة بعد أن تطابقت كل الشروط المطلوبة عليك!". هل طال عبدالرحمن سنتيمترا للوصول إلى حلمه؟ يجيب "ساعدني أحد أقاربي". وإذ استطاع عبد الرحمن أن يصمد أمام النظرة القاسية للمجتمع التي تطارده وتؤرق زوجته فإن محمد داغستاني (27 عاما) لم يستطع مقاومتها واضطر للرحيل بعد أن تحولت حياته إلى "جحيم" حسب تعبيره. يقول "صورني أحدهم وأنا أتحدث مع زميلتي المضيفة في المطار وأرسلها إلى زوجتي، مما جعلني أعيش في دوامة من الشكوك جعلتني أنفصل عن زوجتي ووظيفتي". فمنذ أن استقبلت زوجته صورته مع زميلته وهي تطارده وزملاءه باتصالاتها وقلقها الذي أوقعه في حرج ومشاكل مع رؤسائه وزملائه وأقاربه، مما دعاه إلى الانتقال إلى مهنة جديدة لا تتناسب وذائقته ورغبته. يشير داغستاني إلى أنه رغم استقالته من عمله كمضيف إلا أنه يشتاق إلى زملائه والوجوه الجديدة التي يصافحها كل يوم. يقول "كنت أذهب إلى الفراش وأنا في أوج سعادتي. الآن لا يمر عليّ هذا الشعور". محمد الذي يعمل حاليا صرافا في أحد البنوك التجارية في جدة غير سعيد بعمله الحالي، مبررا "لست متخصصا. أخطئ كثيرا وأخسر من جيبي". ويرى محمد أن "مجتمعنا متناقض" معللا ذلك بكون "أفراده يسمحون لممرضات بعلاجهم والسهر على راحتهم لكنهم لا يسمحون لبناتهم أن يزاولن هذه المهنة العظيمة". وأشار محمد إلى أنه لا يفكر في الزواج حاليا "أخشى من تكرار التجربة ولا سيما أنني متوتر وقلق ومشوش بعد تجربتي المؤلمة السابقة، وتسرعي بالاستقالة". شخصيا أكثر ما أخشاه أن يتحول مجتمعنا إلى "مجتمع عانس" وأن يمتلئ بمئات مثل محمد الغانم ومحمد داغستاني وغيرهما ممن عزفوا عن الزواج بسبب نظرة قاصرة ومحدودة. فعدد غير قليل من الشباب انصرف عن الزواج من طبيبات وممرضات ومهندسات. في حين لا تفضل الفتيات أحدهم طيارا أو بائعا أو ممرضا أو لحاماً.